التحليل الفني مقابل التحليل الأساسي 

تتحرك الأسعار في السوق على المدى الطويل إلى أعلى أو إلى أدنى نتيجة لتفاعل العديد من العوامل الاقتصادية و السياسية  . أما في المدى القصير فالملاحظ أن الكثير من قرارارت التداول تبنى على اختيارات نفسية بالدرجة الأولى ، حيث أن حركة الأسعار تحكمها تطلعات وتوقعات المستثمرين وأطماع المضاربين وعواطف وأمال ومخاوف كافة المتعاملين بالأسواق.
وبينما يدرس الاقتصاديون والمعنيون بالتحليل الأساسي أسباب حركة الأسعار ، ويبحثون على الداوم عن السبب وراء تحرك الأسعار في اتجاه معين . نجد أن المحللين الفنيين لا يعتبرون سبب الحركة ذا أهمية كبرى فاهتمامهم ينصب أساسا على مقدار حركة الأسعار ومداها ، بالإضافة إلى المدة التي استغرقتها وكذلك حجم التداول ، وأهم من ذلك كله أثر الحركة على وضع السوق عامة ويركز المحلل الفني على معرفة اتجاه الأسعار ودراسة الأنماط السلوكية بأشكالها المختلفة وظواهرها التي غالبا ما تتكرر ، فذلك ما يعنيه على التنبؤ الصحيح بحركة الأسعار مستقبلا .
فالسؤال الذي يُطرح من المحللين الأساسيين : لماذا تحرك السعر في اتجاه معين ؟
بينما يطرح المحللون الفنيون سؤالا مختلفا : ماذا بعد ؟ إلى أين ؟ إلى متى ؟
ويهتم المحلل الأساسي والفني كل بطريقته الخاصة بدراسة قوى العرض و الطلب بالاسواق . فالمحلل الأساسي يهتم أكثر بالقوائم المالية  ويقوم بمقارنة نتائج الأخبار و الأعمال للفترات الحالية بالفترات السابقة وأيضا يحلل السياسات و التوجهات في ظل المتغيرات المؤثرة على نشاط السوق ، وكذلك توقعات نتائج ذلك على المستقبل القريب و البعيد.
أما المحلل الفني فإنه ينظر إلى شئ مختلف تماما فكل ما يعنيه هو حركة الأسعار بالسوق على أساس أن السعر يعكس كل الأنباء و المعلومات وكذلك توقعات جميع المتعاملين به . وهو ما يعرف بأن السوق يقوم بخصم كل المؤثرات ليبلورها ويعكسها في سعر التداول . فارتفاع الأسعار بالنسبة للمحلل الفني يعني زيادة الطلب على العرض أي أن الأساسيات موجبة وتصاعدية أما انخفاض الأسعار عنده فمعناها زيادة العرض على الطلب أي أن الأساسيات سالبة وتنازلية.
والفني لايؤمن بنظرية السير العشوائي للأسعار، فالأسعار بالنسبة له تتحرك في اتجاهات معينة، هذه الاتجاهات تميل إلى الاستمرار في مسارها لحين حدوث تغير في ميزان العرض و الطلب وعادة ما يمكن ملاحظة هذه المتغيرات في حركة السوق نفسها ، فهي تظهر في شكل أنماط سعرية معينة لها دلالتها ويمكن تفسيرها من منظور تطور مسار الأسعار في المستقبل.
إن المحلل الفني لا يملي أبدا على السوق حركته وهو ما يميزه عن المحلل الأساسي . فالأول يترك للسوق عملية إرشاده إلى مسار الأسعار . فظهور شكل معين بالرسم البياني للأسعار يرجع سيرها في اتجاه معين مستقبلا ، وذلك على أساس تصرفات الآسعار في العديد من الحالات المماثلة السابقة بطريقة معينة . أما الأخير فيقوم بحساب القيمة العادلة لعملة ما ويتوقع من السوق أن يتحرك إلى هذه القيمة التي حسبها بطريقة ما واعتبرها عادلة ثم يتوقف.
إن الرسم البياني للأسعار لا يحتوي فقط على المعلومات الأساسية الاقتصادية بل أيضا على كل ما يطلق من إشاعات وروايات وتصريحات وأحداث ، وعليه فإنه يمكن اعتبار دراسة الرسوم البيانية على أنها طريقة مختصرة لدراسة أساسيات السوق .
ويوجه المحللون الفنيون إلى طريقة التحليل الأساسي مجموعة من الانتقادات أهمها:
أنه يستحيل الإلمام ومعرفة كل شى يخص اقتصاديات الدولة فهناك كم ضخم جدا من المعلومات الأساسية يستحيل الإلمام بها جميعا وتحليلها بسرعة وبدقة.
إن المعلومات نفسها دائمة التغير ولا يمكن لأحد مهما علا شأنه معرفة كل خبايا السوق.
إن البيانات و المعلومات تأتي في معظم الأحيان متاخرة نسبيا مما يفقدها أهميتها في تحديد قيمتها بالسوق.
إن المحلل الأساسي حتى لو استطاع الحصول على تلك المعلومات والإلمام بها جميعا ثم تحليلها بسرعة ودقة فإنه من الصعب استغلالها بالتوقيت المناسب مع التحركات السريعة لأسعار السوق.
في المقابل يشكك كثير من المحللين الأساسيين في فاعلية التحليل الفني وفي أهميته في بناء استراتيجات التداول وفي اتخاذه كأساس لقرارات الشراء و البيع.
أيضا البعض يرى أن التحليل الفني و الأساسي مكملان لبعضهما وأنهما ضروريان في تحليل الأسواق وضمان الوصول إلى أهداف الربح وتقليل الخسارة ، وعليه فإنه يجب على المستثمر و المتداول الاهتمام بالتحليل الفني و الأساسي على حد سواء.